منتدى الوردة البيضاء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الوردة البيضاء



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
أرجو من جميع الزائرين الذين يودون الإشتراك بالمنتدى تفعيل اشتراكهم من البريد الإلكتروني الخاص بهم

 

 قسوه القلب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
نداوى
عضو فعال
عضو فعال
نداوى


انثى
عدد المساهمات : 368
العمر : 38
تاريخ التسجيل : 01/10/2010

قسوه القلب Empty
مُساهمةموضوع: قسوه القلب   قسوه القلب I_icon_minitimeالثلاثاء أكتوبر 12, 2010 4:59 am

كثيرٌمن الناس يسألون بين الحين والآخر عن السبب في أنهم لا يجدون لذة العبادةعندما يُقْبِلُوْنَ بها إلى الله عز وجل، يحاولون أن يتمتعوا بالخشوع ولايتأتَّى لهم ذلك، يحاولون أن تكون مشاعرهم متجهة إلى الله عز وجل فيوقوفهم بين يديه ولكن لا يتأتَّى لهم ذلك، وتشرد بهم أفكارهم ذات اليمينوذات الشمال.

والجواب أن السبب في ذلك "حجاب النعم" التي يغدقهاالله سبحانه وتعالى على عباده كالقوة التي يتمتعون بها، والغنى الذييكرمهم الله عز وجل به، والمعارف والعلوم التي يمتعهم الله سبحانه وتعالىبها، من شأن هذه النعم أن تنسي الإنسانَ ضعفَه، أن تنسي الإنسان عجزهومخلوقيته ومملوكيته لله سبحانه وتعالى وأن تزجه في وَهْمٍ من الاستقلالبالذات، في وهم من الغنى والقوة الذاتية.. ومن ثم فإن هذا الذي يقف بينيدي الله عز وجل وقد حُجِبَ عن الله سبحانه وتعالى بهذه النعم ينسى حاجتهإلى الله وينسى فقره بين يدي الله عز وجل، فما الذي يجعله يخشع وهو يتخيلويتصور غناه واستقلاله؟ ما الذي يجعله يدرك أنه بين يدي
الله وأنه يخاطبالله وأن الله يراقبه وأن النعم التي يكرمه الله عز وجل بها تطوف بالنشوةفي رأسه؟

هذا هو السبب، ولكن ما العلاج؟

العلاج أن يعلم الإنسان أنه كتلة من الضعفوالعجز، وأن الفقر هوية ذاتية موجودة في كيانه، وأن النعم التي يتمتع بهاـ أياً كانت ـ إنما هي عوارض تأتي اليوم وتذهب غداً إن الذي أبرز الإنسان إلى الوجود إنما هو الخالق عز وجل، أوجده عارياً إلا من فقره، تائهاً إلا من ذله، عاجزاً بل جاهلاً إلا بضعفه.
إذا أدرك الإنسان هذه الحقيقة وعلم أنها هي هويتهدائماً مهما رأى نفسه غنياً ومهما رأى نفسه قوياً ومهما رأى نفسه متمتعاًبالمعارف والعلوم؛ فإن إدراكه لهويته يجذبه إلى الخشوع بين يدي مولاهوخالقه، وانظروا إلى هذا المعنى كيف جسده بيان الله عز وجل في قوله سبحانهوتعالى: يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفاً النساء:28، أي إن الضعف وُجِدَ مصاحباً لِخَلْقِ الإنسان ولم يأت من بعد الخَلْقِ

وانظروا إلى قوله سبحانه وتعالى: الله الذي خلقكم من ضعف،أي كينونته هي الضعف ذاتها، وإنما يريد الباري عز وجل من هذا أن يبين لناأن نعمة القوة ونعمة العلم والرفاهية والغنى ما ينبغي أن ينسينا كل ذلكالهوية التي خُلِقْنَا بها، ينبغي أن نعلم أن هذه النعم الوافدة إليناإنما هي عوارض، والعوارض تأتي اليوم وتذهب غداً.

هذا هو العلاج الذي ينبغي أن يأخذ الإنسان نفسه به، فإن هو فَعَلَ ذلك تخلص من هذه المشكلة التي يشكو منه.
ولننظر ـ أيها الأحبة ـ إلى بالغ لطف الله سبحانهوتعالى إذ يبتلي الإنسان بين الحين والآخر بالابتلاءات المتنوعة كالمرضيبعثه في جسمه، وكالفقر يبتليه به بعد الغنى، وكالضعف يبتليه به بعدالقوة، والاضطراب يرسله إليه بعد الأمن والطمأنينة، وصدق الله القائل: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ الانبياء:35]،وَلَنَبْلُوَنَّ كُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ [البقرة:155].. لماذا؟ أين هو مظهر اللطف الرباني في هذه الابتلاءات؟
مظهر اللطف أن مولانا جلَّ جلاله يحب منا ألانَسْكَرَ بالنعم التي يغدقها علينا وألا تحجبنا هذه النعم عن مراقبته،وألا تنسينا هويتنا أننا مخلوقون من الضعف وآيلون إلى الضعف، كيف السبيلإلى ذلك؟!!


لو أن كانت النعمةمستمرة دائمة إذا لكانت حاجزاً ولأنستنا هذه النعم هوياتنا وضعفنا، ولكنالله عز وجل عندما يبتلي عباده بين الحين والآخر بهذه المصائب يخفي المالوالغنى ليرسل إليه عوضاً عنه الفقر، يخفي ويستل منه العافية ليرسل إليهنوعاً من الأمراض، يستل منه الأمن الطمأنينة ليرسل إليه طائفاً من الخوفوالاضطراب لكي يصحو الإنسان بهذا إلى حقيقة أمره وليعلم أن هذه النعم التيتفد إليه إنما هي ـ كما قلت لكم ـ عوارض، والنعم العارضة لا يمكن أن تحلمحل الهوية الإنسانية الأساسية،
ربنا عز وجل يقول: وَاللَّهُأَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاًوَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ [النحل:78]، أي أنك يا ابن آدم ضعيف في كينونته، كتلة عجز في هويته، أما النعمالتي تُسْكِرُكَ بين الحين والآخر فإنما هي عوارض أرسلتها إليك؛ فلاتحجبنك هذه العوارض عن هويتك.

إذا علم الإنسان هذه الحقيقة وأدركها لاسيما عندمايجد المحن التي تمتزج مع المنح والنعم فلسوف يزول هذا الإشكال ولن يسألهذا الإنسان سؤاله هذا عندما يعلم عجزه.
إن كانت النعم مقبلة إليه التجأ إلى الله يسأله أنيستبقيها وإن كانت النعم أو بعضها مدبرة عنه التجأ إلى الله أن يعيدهاإليه فهو في كل الأحوال ملتجئ إلى الله عز وجل، هذه حقيقة ينبغي أن نعلمهايا عباد الله.
إن من العجيب المؤسف أن الإنسان في كثير من الأحيانيحتاج إلى أن يأخذ العظة والدرس من الأطفال الصغار وهو الرجل الكبير الذييتمتع بالوعي والعلوم والمعارف، أرأيتم إلى الطفل يمسكه والده من عضديهويلصقه بصدره ويشرف به على وادٍ سحيق ماذا يصنع هذا الطفل والأب يحتضنهوهو يمسك به؟ إنه يرتجف خوفاً ويرسل إلى أبويه مشاعر الاستعطاف والاسترحاممن خلال عينيه إلى أبويه ألا يتركه وأن يظل ممسكاً به وأن يظل متشبثاً بهوهو يعلم أنه في حضن أبيه وهو يعلم كيف أن والده يمسكه من عضديه ومع ذلكفهو يعلم أنه عاجز، الطفل يعلم هويته، يعلم أنه لا يملك من أمر نفسهشيئاً، لا يستطيع أن يرد غائلة الأذى عن نفسه إن هو استقل بأمره ولذلك فهويرسل نظرات الاستعطاف إلى أبيه متشبثاً به في حالةٍ من الازدياد والتعلقالشديد بصدره كي لا يرسله ويتركه، لماذا لا يكون شأننا مع مولانا وخالقناكشأن هذا الطفل مع أبيه؟

أنا أعلم ـ كما يعلم هذا الطفل ـ أنني لا أملك إناستقللت بأمر نفسي، لا أملك شيئاً من حياتي، لا أملك أي مُقَوِّمٍ منمقومات عيشي، في اللحظة التي يتخلى الله عز وجل فيها عني أتحول إلى لاشيء، فلماذا لا يكون شأني مع مولاي وخالقي كشأن هذا الطفل مع أبيه؟! حتىولو كانت الحفاوة موجودة مرسلة من الله إلي ينبغي أن أعلم أنني معرضللهلاك، ينبغي أن أعلم أنني لا أستطيع أن أستقل بأمر نفسي شيئاً.
هذا هو الجواب لمن يسأل هذا السؤال.


زيارة المرضى

ولكن إذا كانت قسوة القلب فينا نحنالمسلمين قد بلغت مبلغاً تتغلب حتى على هذه الحقيقة التي أبينها لكم فإنيأنصح نفسي وأنصح مثلَ هذا السائل وأقول: زُرْ المشافي بين الحين والآخر،انظر إلى حال المرضى وهم يعانون من الأمراض المتنوعة المختلفة، تأمل فيحال هؤلاء المرضى الذين ذَوَتْ منهم الوجوه وضؤلت فيهم الأجسام، اصغِ إلىالأنين الذي يرتفع من صدورهم وحلوقهم، اصغِ إلى الأوجاع التي تنتابهموالتي يتقلبون في غمارها صباح ومساءكانوا مثلكفي العافية بل أقوى، وكانوا يتمتعون بمثل ما تتمتع به من العافية ورغدالعيش، سَلْهُمْ عن الكنوز المالية وقيمتها يقل لك كل واحد منهم: خُذْ كلما أملكه من كنوز، خُذْ كل ما أملكه من مدخرات وأَعِدْ إلي نعمة العافية..أليس هذا دليلاً على الإنسان خُلِقَ من ضعف وأنه آيلٌ إلى الضعف؟
!

زيارة القبور

فإن كانت القسوة القلبية ما تزال مصاحبةلك فأضف إلى ذلك زيارة القبور، انظر إلى هذه القبور وانظر إلى الأرضالمحشوة بجثث بل بعظام أناسٍ كانوا من أمثالك، كانوا فارهين، كانوايتمتعون برغد العيش، كانوا محجوبين مثلك بالنعم عن المنعم، وانظر إلى ماآل أمرهم، تأمل في الجنائز التي تُحْمَل لتلقى في الحفر التي أعدت لهم،ربما كان داخل هذا النعش فتاة ذات قامة ميساء وجمال باهر وعينين ساحرتين..لماذا آل أمرها إلى هذا الشبح المرعب لماذا؟! ربما كان هذا الذي يمتد داخلهذا النعش ملفوفاً في أكفانه قائداً عظيماً إذا نطق أصغت الدنيا كلها إلىقراره وحكمه، ذا إرادة نافذة، ذا سلطان قاهر، لماذا يستسلم اليوم إلىهؤلاء الذين يحملونه إلى حفرته؟! تأمل في هذاالذي أقوله لك تعد إلى دارك وأنت تعلم أنك مهما كنت غنياً، مهما كنتعالماً، مهما كنت قوياً فأنت ضعيف وأنت كتلة ضعف وعجزٍ بين يدي مولاكوخالقك سبحانه وتعالى. أليس هذا الدواءكافياً يا عباد الله أليس هذا العلاج كافياً لكل من أسكرته نعمة القوة،لكل من أسكرته نعمة الحكم، لكل من أسكرته نعمة العلم والاكتشافاتوالرفاهية؟! صدق الله القائل: وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ يّـس: من الآية68]، غلافان من الضعف، غلاف ضعف انطلقنا منه يوم الولادة وغلاف من الضعف والعجز ننتهي إليه عند الموت
اللهم لا تنسنا فضلك، اللهم اجعلنا إذا وقفنا بين يديك لا نتيه عن ربوبيتك ولا نتيه عن ذل عبوديتنا لك.. أمين

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قسوه القلب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» القلب هو القلب.
» إشراقة في النفس ويقظة في القلب
» " القلب واللسان "
» دعاء من القلب لله القادر
» هجرة القلب إلى الله

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الوردة البيضاء :: الركن الإسلامي :: الاسلامية-
انتقل الى: