جزاء وفاقا
بسم
الله والحمد لله والصلاة واتلسلام على رسول الله : تفسير قول الله تبارك
وتعالى (( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا
مَا بِأَنفُسِهِمْ
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى
آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فالآية الكريمة آية عظيمة تدل على
أن الله -سبحانه- لكمال عدله، وكمال حكمته، لا يغير ما بقوم من خير إلى
شر، ومن شر إلى خير، ومن رخاء إلى شدة، ومن شدة إلى رخاء حتى يغيروا ما
بأنفسهم، فإذا كانوا في صلاح واستقامة ثم غيروا غيِّر عليهم بالعقوبات
والنكبات، والشدائد والجدب والقحط والتفرق وغير هذا من أنواع العقوبات، ((
جَزَاء وِفَاقًا )) (( وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ )) وقد يملي
لهم سبحانه ويمهلهم ويستدرجهم لعلهم يرجعون، ثم يؤخذون على غرة، كما قال
-تعالى-: (( فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ
أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ
أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُون َ)) يعني آيسون من كل خير
نعوذ بالله من ذلك، وقال سبحانه: (( وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً
عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ
فِيهِ الأَبْصَارُ )) فقد يؤجلون ويمهلون إلى ما بعد الموت، نسأل الله
السلامة، ويكون ذلك أعظم للعقوبة وأشد للنقمة، وقد يكون فيه شر وبلاء
ومعاصي، ثم يتوبون ويرجعون إلى الله ويندمون، ويستقيمون على الطاعة فيغير
الله ما بهم من بؤس، ومن فرقة ومن شدة، ومن فقر إلى رخاء، ونعمة واجتماع
كلمة، وصلاح حال بأسباب أعمالهم الطيبة، وتوبتهم إلى الله -سبحانه
وتعالى-. وفي الآية الأخرى: (( ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ
مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا
بِأَنفُسِهِمْ )) هذه الآية تبين لنا أنهم إذا كانوا في نعمة ورخاء وخير
ثم غيروا بالمعاصي غير عليهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وقد يمهلون كما
تقدم، والعكس كذلك، إذا كانوا في سوء ومعاصي أو كفر وضلال ثم تابوا
وندموا، واستقاموا على طاعة الله غير الله حالهم السيئة إلى حالٍ حسنة،
فغير تفرقهم إلى اجتماع ووئام، وغير شدتهم إلى نعمة وعافية ورخاء، غيرهم
من الجدب والقحط الذي هم فيه وقلة المياه ونحو ذلك إلى إنزال الغيث، ونبات
الأرض وغير ذلك من وجوه الخير، هكذا معنى الآية الكريمة. جزاكم الله خيراً.
من فتاوى برنامج نور على الدرب
لفضيلة الشيخ /عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله وغفر له
منقول