منتدى الوردة البيضاء
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى الوردة البيضاء



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
أرجو من جميع الزائرين الذين يودون الإشتراك بالمنتدى تفعيل اشتراكهم من البريد الإلكتروني الخاص بهم

 

 اهواء للشاعر بدر شاكر السياب

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
نداوى
عضو فعال
عضو فعال
نداوى


انثى
عدد المساهمات : 368
العمر : 37
تاريخ التسجيل : 01/10/2010

اهواء للشاعر بدر شاكر السياب Empty
مُساهمةموضوع: اهواء للشاعر بدر شاكر السياب   اهواء للشاعر بدر شاكر السياب I_icon_minitimeالأربعاء أكتوبر 13, 2010 2:12 am



أطلّي على طرفي الدامع

خيالاً من الكوكب السّاطعِ


ظلاً من الأغصن الحالمات

على ضفّة الجدول الوادعِ

و طوفي أناشيد في خاطري

يناغين من حُبّيَ الضائع

يفجِّرُنَ من قلبي المستفيض

و يقطرْنَ في قلبي السامع


لعينيكِ ، للكوكبين اللذين

يصبان في ناظريّ الضياءْ

لنبعين ، كالدهر ، لا ينضبان

و لا يسقيان الحيارى الظماء

لعينيك ينثال بالأغنيات

فؤاد أطال انثيال الدماء


يودُّ ، إذا ما دعاك اللسانُ

على البُعدِ ، لو ذاب فيه النداء


يطول انتظاري ، لعلي أراك

لعلي ، ألاقيكِ بين البَشَرْ

سألقاكِ . لا بد لي أن أراك

و إن كان بالناظر المحتضَرْ


فديْتُ التي صوّرْتها مناي

و ظلُّ الكرى في هجير السَّهرْ

أطليِّ على من حباك الحياة

فأصبحت حسناء ملء النظرْ !

أطليّ فتاة الهوى و الخيال

على ناظرٍ بالرؤى عالقِ

بعشرين من ريُّقات السنين

عَبَرنَ المدرات في خافقي

بعشرين كُلاَّ وهبتُ الربيعَ

و ما فيه ، من عُمري العاشقِ


فما ظلَّ إلا ربيعٌ صغير

أُخبِّيه للموعد الرائقِ

سأروي على مسمَعيكِ الغداةَ

أحاديث سمّيتهُنّ الهوى

و أنباءَ قلبٍ غريق السراب

شقي التداني ، كئيب النوى

أصيخي.. فهذي فتاة الحقول

و هذا غرامٌ هناك انطوى

أتدرين عن ربّة الراعيات ؟

عن الريف ؟ عما يكونُ الجوى ؟

هو الريف هل تبصرين النخيل ؟

و هذي أغانيه ، هل تسمعين ؟

و ذاك الفتى شاعرٌ في صباه

و تلك التي علَّمته الحنين

هي الفنُّ من نبعه المستطاب

هي الحبُّ من مُستقاه الحزين


رآها تغني وراء القطيع

ك(بَنلوب) تستمهل العاشقين

فما كان غيرُ التقاء الفؤادَينِ

في خفقةٍ منهما عاتيه

و ما كان غيرُ افترارالشفاه

بما يشبه البسمةَ الحانيه

و كان الهوى ، ثم كان اللقاء

لقاء الحبيبَين في ناحيه

فما قال : أهواكِ ، حتى ترامى

عياءً على ضفة الساقيه

و أوْفى على العاشقَين الشتاء

و يومٌ دجا في ضُحاه السحاب

خلا الغابُ ما فيه إلا النَّخيل

و إلا العصافير ، فهو ارتقاب

و بين الحبيبين في جانبيه

من السَّعف في كل ممشى ، حجاب

فما كان إلا وميضٌ أضاءَ

ذُرى النخل ، و انحلّ غيمٌ و ذاب

و يا سدرةَ الغاب كيف استجارا

بأفنانك الناطفات المياه

رآها و قد بلّ من ثَوْبها

حياً زخّ ، فاستقبلَتها يداه

على الجذع يستدفئان الصدور

على مَوعدٍ ، كل آهٍ بآه

سلي الجذع كيف التصاق الصدور

بهزّاتها ، و ابتعادُ الشفاه ؟

أشاهدتَ يا غابُ رَثص الضياء

على قطرةٍ بَينَ أهدابها ؟

تُرى أهي تبكي بدمع السماء

أساها و أحزان أترابها ؟


و لكنها كلُّ نوْر الحقول

و دفءِ الشذى بين أعشابها


و أفراحُ كلِّ العصافير فيها

و كلِّ الفراشات في غابها

و ذاك الخصام الذي لو يُفدّى

لفدّيتُ ساعاته بالوئام


أفدِّيه من أجل يومٍ ترفّ

يدٌ فيه أو لفتةٌ ، بالسلام


و من أجل عينين لا تستطيعان

أن تظرا دون ظلّ ابتسام

تذوب له قسوة في الأسارير،


كالصحو ينحلُّ عنه الغمام

خصاماً و لّما نعلّ الكؤوس ؟

أحطَّمتِها قبل أن نسكرا ؟

خصاماً ، و ما زال بعض الربيع

نديّاً على الصيف مخضَوْضراً ؟

خصاماً ؟ فهل تمنعين العيونَ

إذا لألأَ النُّور ، أن تنظرا ؟


و هل تُوقفين انعكاس الخيالِ

من النهر ، أن يملك المعبرا ؟


أغانيُّ شبّابتي تَستبيكِ

و تُدنيكِ مني ، ففيمَ الجفاء ؟


كأنّ قوى ساحر تستبدُّ

بأقدامك البيض ، عند المساء


و يُفضي بك الدَّرْب حيثُ استدار ،

إلى مَوْعدي بين ظلِّ و ماء


على الشطِّ ، بين ارتجاف القلوع

و همس النخيل ، و صمت السماء

و حجّبتِ خدّيك عن ناظريّ

بكفّيكِ حيناََ ، و بالمِروَحات

سأشدو ، و أشدو ، فما تصنعين

إذا احمر خدّاكِ للأغنيات ؟


و أرخيتِ كفيكِ مبهورَتين

و أصغيتِ ، و اخضلَ حتى الموات

إلى أن يموت الشعاعُ الأخيرُ

على الشرق ، و الحب ، و الأمنيات


وهيهات ، إن الهوى لن يموت

و لكنّ بعض الهوى يأفلُ


كما تأفل الأنجمُ الساهرات ،

كما يغرب الناظِرُ المُسبَلُ ،

كم تستجمُّ البحارُ الفساح

مليّاً ، كما يرقد الجدول


كنَوم اللظى ، كانطواء الجناح

كما يصمتُ النايُ و الشمألُ !


أعامٌ مضى و الهوى ما يزالُ

كما كان ، لا يعتريه الفتور ؟


أهذا هو الصّيفُ يوفي علينا

فنلقاه ثانيةً ، كالزهور ؟


و لكنّهن زهور الخلود

فلا أظمأتْ ريّهنّ الحرور

و لا نال من لونهن الشتاءُ

و لا استترَفت عطرَهُنّ الدهور


أغانيّ ، و الغاب قفرُ الوكون

حبيس النسائم تحت الدوالي


ترى ماءه ، لا تّقاد الهجير ،

حريقاً بما فوقه من ظلال

و فو التعاشيب ، حيث الغصون

ينئُون بأفيائهن الثقالِ ،

لها مضجعٌ هدْهدْته العطور ،

أأبصرت كيف اضطجاع الجمالِ ؟

أأمسيتُ أستحضر الذكرياتِ

و ما كان بالأمسِ كلّ الحياه ؟

أضاعت حياتي ؟ أغاب الغرامُ ؟

أماتتْ ، على الأغنياتْ ، الشفاه ؟


أنمسي ، و ما زال غابُ النخيل

خضيلاً و ما زال فيه الرعاه ،

حديثاً على مَوقد السامرين :

أحبّا ، و خابا ، فوا حسرتاه ؟

أُناديكِ ، لو تسمعين النداء

و أدعوكِ _ أدعوك ؟! يا للجنون !


إذا رنّ في مسمعَيك الغداة

من المهد صوتُ الرضيع الحنون


و نادى بك الزوّجُ أن ترضعيه

و نادى صدىً أخفتته السنون

فما نَفعُها صرخةً من لهيبٍ

أدوِّي بها ؟ من عساني أكون ؟!


أعفَّرتُ من كبرياء النداء ؟

و أرجَعتُ آمادي القهقرى ؟

نسيتُ التي صوّرتها مُناي

و نادَيتُ أنثى ككل الورى ؟!

و أعرضتُ عن مسمَعٍ في السماء

إلى مسمع في تُراب القرى !

أتُصغي فتاةُ الهوى و الخيال

و أدعو فتاة الهوى و الثرى !؟

و ودَّعتُ سجواءَ بين الحقول

و دنيا عن الشرّ في معزل


و خلفتُ ، في كلّ ركن خضيلٍ

من الريف ، ذكرى هوىً أوّلِ

قصاصات أوراقيَ الهاساتِ

بشِعري ، على ضفّة الجدول

و جِذْعاً كتَبتُ اسمها الحُلوَ فيه

و ناياً يغني مع الشمألِ

فمنْ هذه المسترقُّ القلوبَ

صبىً ملؤها روحُه الطافره


أما كنتُ ودّعتُ تلك العيونَ

الظليلات و الخصلة النافرة ؟

كأني ترشَّفتُ قبل الغداة

سنى هذه النظرة الآسرة !

أما كان في الريف شيءٌ كهذا ؟

أما تُشبه الربّة الغابرة ؟!


مشى العُمرُ ما بيننا فاصلاً

فمن لي بأن أسبق الموْعدا ؟

و لكنه الحبُّ منه الزمانُ

ثوان ، و مما احتواه المدى

أراها فأنفض عنها السنين

كما تَنْفِضُ الريحُ بَردَ الندى

فتغدو و عمري أخو عُمرها

و يستوقفُ المولِدُ الموْلدا

و هل تسمع الشعرَ إن قُلته

و في مسمعيها ضجيجُ السنين

أطلت على السبعِ من قبل عشر

ين عاماً ، و ما كنت إلا جنين ؟

و أمسى_ ولم تدرِ أنت الغرام_

هواها حديث الورى أجمعين

لققد نبَّأوها بهذا الهوى

فقالت : و ما أكثر العاشقين ؟!

أمن قَبلهِ انثال هذا النشيدُ

إليها ، إلى الذئبة الضاريه ؟

و لو لم يكن فيه طعمُ الدماء

ما استشعرت رنة القافيه

و ما زالت تسبيه غمّازتان

تبوحان بالبسمةِ الخافيه

و ما زالتا تُذكران الخيال

بما كان في الأعصَر الخاليه:

و بالحُب و الغادة المستبد

صباها به ، يلعبان الوَرَقْ

و كيف استكان الأله الصغير

فألقى سهام الهوى و الحَنَقْ

رهانٌ ، رمى فيه غمّازتيه

وَ وَرْدَ الخدود ، و نور الحدق ،

لكِ اللّه ، كيف اقتحمت القرونَ

و لم يخب في وجنتيكِ الألق ؟

كأن ابتسامتها و الربيعَ

شقيقان ، لولا ذبولْ الزَّهرْ

أآذارُ ينثر تلك الورودَ

على ثغرها ؟ أم شُعاع القمر ؟

ففي ثغرها افترَّ كلُّ الزمان

و ما عُمرُ آذار إلا شَهرَ

و بالروح فدّيْت تلك الشفاهَ

و أن أذكرَتْني بكأس القدر !

أطلي على طرفيَ الدامع

خيالاً من الكوكب الساطع

و ظلاً من الأغصن الحالمات

على ضفة الجدول الوادع

و طوفي أناشيد في خاطري

يناغين من حبيَّ الضائع

يفجّران من قلبي المستفيض

و يقطرن في قلبي السامع


:::

* بدر شاكر السياب ~

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
اهواء للشاعر بدر شاكر السياب
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى الوردة البيضاء :: منتديات الوردة البيضاء الثقافية و الادبية :: همس الشعر والقوافي-
انتقل الى: